من أشعل فتنة تمثال الأنبا أنطونيوس ؟
المحرر
أثارت أزمة تمثال الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة حول العالم من ديره بالبحر الأحمر تساؤلات عديدة فى الشارع القبطى وفتحت الباب الشكوك والإتهامات الدائرة حول ما إذا كانت الأزمة مفتعلة بفعل فاعل أم تلقائية لم يتم الترتيب لها؟ واتجهت بعض اصابع الإتهام لتطول التيار العلماني المعروف بتيار الإصلاح بتضخيم الموضوع وتسليط الضوء عليه من أجل حصد مكاسب مستقبلية فى ، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية ومنهم من يريد الدخول على قوائم الكنيسة وترشيحاتها ، ولعل الأمر وأن كان شائكا إلا أنه أصبح على صفيح ساخن وملكا للرأى العام وليس جهة بعينها دون الأخرى ونضعه للمناقشة فى هذا التحقيق للوقوف على حقيقة الأمر وأبعاده الغير مرئية ونترك الحكم فيه للقراء .
وتبدو الملامح الواضحة للأزمة مبهمه رغم وضوحها نظرا لوجود آراء مختلفة ومتضادة بين قيادات فى الكنيسة ولعل الأمر ليس سرا بعد خروج بيان الأنبا ابرام أسقف الفيوم الذى يؤيد فيه عملية هدم التمثال ورفعه من الدير فى الوقت الذى وصلت معلومات فيه بموافقة رئيس دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر على عمل التمثال ووضعه داخله من الأساس بل أن الدير هو من طلب ذلك من الفنان الذى نحته وليس العكس .
و كشف مصدر كنسى ل( بوابة المصرى الإخبارية) عن وجود إرتباط بين موعد إزالة التمثال وبين إقتراب موعد سيمينار المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذى سينطلق فى مطلع مارس بدير الأنبا بيشوى فى وادى النطرون بحضور البابا تواضروس الثاني والسادة الأعضاء من الأساقفة ووكلاء المطرانيات ؛ لتكون بمثابة بالونة إختبار فى الشارع القبطى لقياس التوجه العام وفى نفس الوقت أمرا واقعا لإقراره ضمن توصيات المجمع الختامية تمهيدا لرفع ومنع كل التماثيل من الأديرة والملحقات التابعة لها وهو المنهج الذى يقوده الفكر الأصولى داخل المجمع المقدس التابع للأنبا أرميا ” رئيس المركز الثقافى القبطى” و الأنبا روفائيل سكرتير المجمع المقدس السابق والأنبا ابرام (أسقف الفيوم) ممن يرون أنفسهم غيورين على قوانين الكنيسة التى تسلموها من الآباء الأولين ولهم الكثير من الإعتراضات والخلافات الطقسية على إستراتيجيات البابا تواضروس الإصلاحية التى يقودها منذ جلوسه على كرسي مارى مرقس الرسول والتى منها عمل وحدة مع الطوائف مع التنازل بعض الشيء عن بعض الثوابت التى تعرقل الوحدة وأيضا توسيع مسببات الإنفصال بين الراغبين من الأزواج مما فتح عليه أبواب جهنم من التيار الأصولى داخل المجمع المقدس والذى يدعمه قطاع كبير من الكهنه فى مختلف الإيبارشيات .
وأضاف المصدر أن التيار العلماني أيضا ليس بعيدا عن دائرة الإتهام بأشعال الأزمة بعد مهاجمتهم لبيان أسقف دير الأنبا ابرام بالفيوم إلذى يدعم فيه قرار إزالة التمثال من دير الأنبا أنطونيوس وتصويره بكونه عدوا للفن و الإبداع ؛ فالصراع المحتدم حاليا بين العموم و العلمانيين متوقعا فكل فئه منهما تبحث عن مكاسب لها أو قرارات تعتبرها طوق نجاة فى توصيات المجمع المقدس الجديدة ولكن فى نهاية الأمر لا يصح الا الصحيح وستكون الكلمة الأخيرة للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.
وقال الربان فيليبس عيسى “كاهن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر :” في الآونة الأخيرة كثرت الأحاديث و تناقضت الآراء حول صناعةالتمثال في الكنائس و الأديرة بين معارض و موافق حتى باتت الأمورمختلطة عند الشعب البسيط فشكلت حالة من التشكيك و البلبلة والانقسام ؛ حيث أن الممنوع بحسب عقيدة الأرثوذكس ليس في صنعالتمثال نفسه بل في عبادة المادة التي صنعت منها المنحوتات سواءكانت الحجارة أو الخشب أو أي نوع آخر والذى يعتبر هنا عبادةالصور أو التماثيل، والسجود لها بغرض تقديم العبادة وهى عبادةشكلية تبعدنا عن الخالق و تقربنا من المخلوق مرفوضة تماماً.
وأضاف عيسي فى تصريحات خاصة (بوابة المصرى الإخبارية ) نحن حينمانجسد تمثالاً لله أو أحد القديسين و يلهينا عن الصلة الحقيقة باللهنفسه فهو خلل في فهمنا للتمثال نفسه ؛فالتماثيل و المنحوتات والأيقونات هي واحدة من الفنون الجميلة التي تعبر عن جمال اللهوصفاته الجميلة ، تحفزنا على المزيد من التأمل و الصلاة و الغوصفي معرفته المعرفة الصحيحة لكن الايقونات و الصور في الكنيسةتبقى أقل خطورة في مدى تعلق المومن بها من التماثيل ، بالرغم منبعض الممارسات الخاطئة المبالغ بها التي تصدر من بعض الناسالسذج تجاهها .
و عن سبب عدم السماح بالتماثيل فى الكنيسة الأرثوذكسية أكد ذلك حتى لا يختلط الأمر على الشعب بين عبادة الأوثان التي كانت موجودةقديمًا وبين تكريم القديسين، فنسمح في الكنيسة فقط بالأيقونات، علىالرغم من أن التماثيل ليست محرّمة بحسب الكتاب المقدس، إلا أننا لانحب إدخالها إلى الكنيسة منعاً من الخلط و للتدقيق وعلى الرغم منوجود سماح باستخدام الصور والتماثيل في الكنيسة إلا أننا لا نسمحإلا بالأيقونات ورغم ذلك نُتهم بعبادة الأصنام و بالتأكيد لا يخطر ببالأحد أن يعبد أيقونة ، و نحن لا نعبد الأيقونات أو نسجد لها فالسجودوحده لله و لكننا نقدم لها التكريم مثل إضاءة شمعة أمامها ، و هيتذكرنا بالشخصية المرسومة في الأيقونة إذا كان الرب يسوع نصلي لهأو العذراء أو القديسين فننظر خصائله و نطلب أن نقتدي و نتمثل به ونطلب شفاعته وما يحصل اليوم من تناقض بين من يكون مع و منيكون ضد هو ليس بالأمر الجديد ، لكن المهم في القضية أن نرجع إلىالكتاب المقدس و تعليم الآباء و التقليد الكنسي لنعيد التمسك و الثباتبعقيدتنا القويمة ، الوديعة التي تسلمناها و سلمناها من جيل إلىجيل .
ومن جانبه أوضح الدكتور عادل فوزى ” أستاذ العهد القديم بمعهد الأرشيدياكون حبيب جرجس ” أن وصية العهد القديم التى تنص على عدم صناعة تمثالا منحوتا أتت خشية من عبادتها ولكن يجب النظر إلى معنى الأية فى مجملها وليس مجتزءا ؛ فأن كان الهدف من التماثيل عبادتها فلا يجوز صناعتها ولكن إن أنتفى عنها شرط العبادة فلا يوجد مانع أو ضرر .
وأضاف فوزى فى تصريحاته” بوابة المصرى الإخبارية ” :@ كان المثال (صانع التماثيل) متعمق ولاهوتى يستطيع إخراجها فى صورة جيدة تكون عظة لغير المتعلمين من الأميين يروا من خلالها فضيلة القديس وفى نفس الوقت نهى الله فى العهد القديم عن صناعة التماثيل بهدف العبادة لكن عندما قام سليمان الملك ببناء الهيكل وضع فى قدس الأقداس قارورتين بحجم كبير والله لم يعترض لأن لهم رسالة وهى تذكير الشعب بالملائكة الشاروبيم والخطيئة البشرية لأدم مما يعنى جواز الأمر عندما يكون من أجل هدف أو رسالة روحية معينة ؛ مشيرا إلى أنه فى بعض الأحيان نجد من يصنعون تماثيل لأقاربهم أو معارفهم العظماء لما لهم من تأثير فى المجتمع ويسترجعون فضائلهم وإنجازاتهم ؛ فلم نرى على مدار تاريخ الكنيسة أحدا عبد تمثالا أو سجد له بل يعتبرونه بمثابة حامل رسائل الله لبنى البشر .
ولا زالت اتهامات غير مردود عليها اقول بأن جماعات متطرفة تدعي حماية والدفاع عن الإيمان المسيحي هي التي تقف وراء إشعال فتنة التمثال ويقف ىرائها أساقفة بعينهم وشخصيات تهاجم البابا لتحقيق مكاسب من خلال الضغط على المجمع المقدس وقداسة البابا لتمرير ما يريدون ، بينما هم يعلمون أن بطريرك الأسكندرية لا يخضع لمثل هذه الأفعال ولا يحركه جماعات الأشرار وعدو الخير الذي يعمل ضد الكتيسة ، في الوقت الذي يسير فيه نحو الإلحاح بخطى ثابتة محافظاً على الإيمان المسيحي .