كنائس وأخبار

البابا تواضروس في سيامة كهنة جدد: الكاهن الذي يسمح بالانقسام لا يُقبَل أمام الله

واصف ماجد

ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظة خلال قداس سيامة عدد من الكهنة الجدد لخدمة إيبارشيتي القاهرة وكندا، حيث قدّم خلالها تأملًا روحيًا بعنوان “تأملات في إنجيل الراعي الصالح”، ركّز فيه على الفارق الجوهري بين من يُدعى للخدمة بدافع المحبة، ومن يدخلها بلا دعوة حقيقية.

وتناول قداسته في بداية العظة ثلاث صور متمايزة لشخصيات وردت في النص الإنجيلي، موضحًا أن السارق هو ذاك الذي يخدم ذاته على حساب النفوس، ويصنع العثرة حيثما وُجد، فيغيب عنه السلام ويصير مرفوضًا في الأرض والسماء. أما الأجير، فهو الذي يؤدي عمله دون محبة أو انتماء، مكتفيًا بالأجرة ومجرد الأداء الظاهري، غير معنيٍّ بالثمار أو بمستقبل رعيته.

في المقابل، تتجلّى صورة الراعي في مَن يحمل المحبة الحقيقية ويبذل ذاته دون تردد، وهو من يعيش يوميًا بروح الذبيحة، كما قال القديس بولس الرسول: “من أجلك نُمات كل النهار”. وفي هذا السياق، نبّه البابا الكهنة الجدد إلى ضرورة فحص القلب والنوايا، مؤكدًا أن صورة الراعي من الخارج لا تكفي، إذ قد يكون المرء في داخله سارقًا أو أجيرًا وهو لا يدري.

وانتقالًا إلى الجانب العملي من الخدمة، قدّم البابا ثلاثة مبادئ أساسية رأى أنها يجب أن تشكّل الإطار المرجعي لكل كاهن يبدأ خدمته، بل ويستمر بها حتى النهاية. أول هذه المبادئ يتمثل في المعرفة الشخصية بالرعية، والتي تتحقق من خلال الافتقاد والمحبة، إذ لا تُبنى الأبوة الكهنوتية إلا بمعرفة حقيقية للناس وظروفهم. وقد استشهد البابا بكلمات القديس يوحنا ذهبي الفم التي تقول إن الشهيد يموت مرة واحدة لأجل سيده، بينما الراعي يموت كل يوم لأجل قطيعه.

أما المبدأ الثاني، فيرتبط بالرغبة في أن تكون للحياة طعم أفضل، حيث دعا البابا الكهنة إلى تبنّي شعار “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”، مشددًا على أهمية السعي نحو رفع مستوى الأبناء روحيًا ونفسيًا واجتماعيًا وتعليميًا، وذلك من خلال غرس فكر الله ووصاياه في أعماقهم باستمرار.

وجاء المبدأ الثالث ليؤكد على وحدة الرعية تحت راعٍ واحد، إذ أشار البابا إلى أن الانقسام هو من أكثر الخطايا التي تُغضب قلب الله، وأن الكاهن الذي يتسبب أو يسمح بتفكك الخدمة لا يُحسب أمينًا في خدمته، حتى وإن صنع عجائب. ودعا إلى أن يعمل الكاهن دائمًا كقوة جامعة لا مفرقة، وأن يكون هدفه الأول هو جمع القلوب تحت رأس واحد هو السيد المسيح.

وقد حملت العظة في مجملها ملامح الوصية الرعوية، حيث وُضعت أمام الكهنة الجدد خطوط واضحة لمسؤوليتهم، التي تتجاوز مجرد الدور الكنسي إلى الحضور الأبوي والمعنوي والروحي في حياة الناس، وهي دعوة مفتوحة للثبات في البذل، لا في الصورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى