عربى ودولى

ماكرون في مأزق بسبب تصريحاته عن الماريشال بيتان


محمد زيان

فجرت إشادة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون “-

بالماريشال “فيليب بيتان ” موجات من الجدل والهجوم

الشديد على رئيس الجمهورية الذي وصفه معارضون بأنه

لا يجدر به  أن يسلك هذا  المنحى تجاه رجل اتهم بالخيانة

العظمى خلال الحرب العالمية الأولى وأن احتفالية ال

“إنڤاليد ” التي أقيمت أمس  السبت لتكريم “حراس الحرب

العظمى “والذين منهم “بيتان “، كانت بمثابة ظلم

للجمهورية الفرنسية يجب أن تأخذ خطوات واضحة بسرعة . 

وكان “ماكرون قد أشاد بالماريشال “بيتان ” خلال

الاحتفالية  التي أقيمت بمناسبة ذكرى مرور ١٠٢ عام على

معركة “فردان ” في مدينة شارفيل-ميزيير قرب الحدود مع

بلجيكا تكريماً للعسكريين الذي خاضوا الحرب العالمية

الأولى “. 

وكانت كلمات “ماكرون “قد وقعت من المعارضين موقع

المعارضة والسخط ،اعتبرتها ضد منهج الجمهورية التي

تقوم على عرض الحقائق  وعدم مداراتها ، لكن الرئيس

الفرنسي فاجأ الحضور وقال “  نظرت دائماً على تاريخ

بلدنا بشكل مباشر ومن المشروع تماماً أن نُشيد بالقادة

الذين قادوا الجيش أيضاً نحو النصر” ومن بينهم

المرابطات ” فيليب بيتان ” ،  الذي تعامل خلال الحرب

العالمية الثانية مع الاحتلال النازي وكان على رأس حكومة “

فيشي ” التي ساهمت في نقل يهود فرنسا إلى المحارق

النازية.

وتابع ماكرون “أنا لا أقوم باختزالات قصيرة لكنني لا

أخفي أي صفحة من التاريخ ، لأن ” بيتان ” كان جندياً

عظيماً خلال الحرب العالمية الأولى ثم اعتمد خيارات قاتلة

خلال الحرب العالمية الثانية. هذا واقع بلدن ، لكن الحياة

السياسية مثل الطبيعة البشرية تكون أحياناً أكثر تعقيداً

مما نود أن نؤمن به”.

يرجع المعارضون الهجوم على “ماكرون “لاختياره نفس

المفردات التي استخدمها  سابقيه بما فيهن “ديجول “الذي

يعرف بأنه خصم “بيتان “. 

دخلت على خط المواجهة بشكل علني “الماسونية “الفرنسية

، التي باتت تتخذ مواقف سياسية تتسم بالعداء والمناهضة

لسياسات الجمهورية في ظل حكم “ماكرون “بالنظر إلى

مواقف سابقة لها . 

فقد أصدر المحفل الماسوني الفرنسي بياناً ندد فيه بأقدام

” ماكرون ” على تكريم الماريشال “فيليب بيتنان ” الذي

وجهت اليه تهمة الخيانة العظمى خلال الحرب العالمية

الأولى ، واعتبرت ان تقديم الرئيس الفرنسي التحية له

وتكريمه في الاحتفالية بسبب انقلاب في مبادئ فرنسا

التي قامت عليها .  

وفي السياق التاريخي ليس ” ماكرون “وحده – الذي

قدم تمجيداً -للماريشال “بيتان “، فقد سبقه الرئيس

“شارل ديجول “، في مايو ١٩٦٦ حين أعلن على الملأ في

احتفالية مرور ٥٠عاناً على معركة “فردان ” التي وقعت في

عام ١٩١٦ بين فرنسا وألمانيا ، وقال ” شارل ديجول “-

وقتذاك –  “لسوء الحظ وفي خضم أحداث مفرطة وفي

أواخر حياته قاد التقدم في العمر الماريشال ” بيتان ” إلى

فشل ذميم، والشهرة التي حازها في معركة ” فردان ” قبل

خمسة وعشرين عاماً واحتفظ بها بقيادته الجيش الفرنسي

إلى النصر لا يمكن الطعن بها أو تجاهلها من قبل الدولة”.

وعلى نفس الخطوات – وبعد أربعين عاماً – أشاد  الرئيس “ 

جاك شيراك ” بالماريشال ” بيتان “، حين قال خلال نفس

الاحتفالية ” لقد كان الرجل قادراً على اتخاذ قرارات من

شأنها أن تؤدي إلى النصر وسيبقى هو المنتصر في معركة

” فردان ” … هذا الرجل هو ” فيليب بيتان ” ،ولكن للأسف 

في يونيه ١٩٤٠ غطى الرجل مجده باختيار الهدنة مع

ألمانيا .. عار هي العمالة”.

وكان الرئيس الفرنسي الأسبق “  فرانسوا ميتران ” قد أكد

على تناقضات شخصية شخصية ” بيتان ” ،رغم أنه سار

على خطى سابقيه زار، مثله في ذلك “  ديجول ” و “

جيسكار ديستان ” ،وزار قبر ” بيتان ” ووضع عليه  إكليلاً

من الزهور . 

وعندما سئل  ” ميتران ” عما فعل  أجاب: “أنا أفهم

عواطف اليهود ، ونحن هنا أمام حالة نموذجية من

تناقضات التاريخ التي تضعنا بدورنا في تناقضات لا

يمكن احتمالها فعلاً ، ولكننا لن نستطيع تمزيق الصفحات

التي كتب عليها تاريخ أعظم معركة عرفتها وانتصرت فيها

فرنسا ولا أن ننتزع من تاريخنا  أولئك الذي شاركوا وقادوا

معركة فردان من أكبر عملية اعتقال عرفها يهود فرنسا. إنه

عار لا يمكن أبداً محوه من تاريخ بلدنا ، لكن مجد فردان،

المجد الذي دفع ثمنه كثير من الدماء والمآسي لا يمكن

نسيانه، ولا قدامى المحاربين ولا عار 1942. هذا تناقض

أساسي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى