رامي جان يكتب عن الزنزانة وجواسيس الإخوان في تركيا
افكر اننا في ممر الجرذان
حيث فقد الموتي عظامهم
ايه ضوضاء هذه
انها الريح تحت الباب
و ما هذه الضوضاء الان ؟! ماذا تفعل الريح ؟!
لا شئ نعم لا شئ
الا تري شيئا الا تري شيئا
الا تذكر شيئا
بلي اذكر
هاتان لؤلؤتان
كانت من قبل عينيه
احي انت ام لست حي ؟!
اليس في جمجتك شئ ؟!
من قصيده ” الارض الخراب “
توقفت الاسبوع الماضي عند الاسباب و الدوافع التي جعلتني اتحالف مع الاخوان المسلمين
لا اعلم اشعر الان و بعد مرور هذه الفتره باني كنت بشكل ما داخل احدي الثقوب السوداء التي صنعتها لنفسي و بنفسي
و الثقب الأسود فراع ذو جاذبية عالية جدا. مجرد اقترابه من المجرات او النجوم فإنه يبددها ويبتلعها تماما
لو كان ضمن المجرة ثقب أسود فسيظهر أثره واضح بتآكل المجرة وانحلالها تدريجيا. و هذا ما كان الحال عليه بالنسبه لي
من حسن الحظ باني كنت قد دونت كل ما حدث معي وقت اعتقالي في اسطنبول في مذكراتي بشكل ما اري ان كتابه الاحداث في اللحظه التي تقع فيها يختلف تماما عن كتابتها فما بعد معتمدا علي الذاكره
يستطيع القارئ ان يشعر بالمكان و الاشخاص و الاحداث بل و حتي رائحه المكان و الاشخاص التي تتحدث عنهم و تصفهم في كتاباتك
هذه وجهه نظري علي اي حال ، لذا سوف اترككم الان مع المذكرات التي كنت قد دونت بها كل الاحداث التي وقعت معي و انا داخل السجن في تركيا لعلكم تشعرون بما مررت به و ما عانيته في هذه التجربه المرعبه
” تقول القاعده
ان اردت تفسير النهايات فعليك بالعوده الي البدايات
و لكن اين هي البدايات بالتحديد و متي بداء كل ذلك
لماذا لا نبداء من اللحظه ااني اكنب فيها هذه الكلمات من حسن الحظ ان المامور وافق علي منحي بعض الاوراق و الكتب من حقائبي فقد جلب صاحب المنزل و عميل الاخوان الذي وصلت الي هنا لاقدم ضده البلاغ ” علي ” الحقائب منذ قليل
و هو شاب في الاربعين من عمره تركي الجنسيه له عيون خضراء كعيون بعض الفلاحين من شباب المنصوره في مصر ، متوسط الطول و غير متدين و لكنه يعشق اردوغان و يعتبره ولي من اولياء الله الصالحين ، غير مثقف علي الاطلاق بل يعتمد علي قوه جسده في اقناع الاخرين و اتذكر اللقاء الاول بيننا ظل يحملق في جسدي ثم نظر لي وقال هل كنت تمارس اي نوع من انواع الرياضه ؟!
فرددت بتلقائيه نعم كنت امارس كره اليد و المصارعه الروماني و الملاكمه في مصر فوجدت لون بشرته قد تغير !
لم افهم في ذلك الوقت بانه كان يقارن بيني و بينه في حال وقع صدام اذا اكتشفت حقيقه ما يفعله و هو الشخص الذي يعتمد عليه الاخوان في مساعدتهم للتجسس علي تحركات العاملين معهم فلديه اكثر من شقه و غالبا يقوم بتاجير تلك الشقق للاخوان
نعود للزنزانتي
فانا الان قابع في زنزانه ضيقه بها كتلتين خشبيتين علي حرف l باللغه الانجليزيه ، الزنزانه مساحتها لا تزيد عن “متر في متر ”
للزنزانه قضبان حديديه سوداء واسعه تستطيع ان تري كل ما يدور في الخارج و بجواري زنزانه اخري و الزنزانتين داخل مكتب له باب خشبي بني اللون و مكتب بنفس اللون و علي ذلك المكتب جهاز كمبيوتر لا يعمل فلم اري اي شخص قد استخدمه منذ وصولي و “دفتر” كبير يتم تسجيل فيه ” الوارد ”
امام كل زنزانه هناك عدد من كاميرات المراقبه و تحت الكاميرات هناك تلك الاضاءه البيضاء المدغدغه للاعصاب و الروح
انه ” كشاف ” ضخم كالذي يتم استخدامه في ملاعب كره القدم الخماسيه في مصر ، تلك المسافه الصغيره بين الاضاءه و الزنزانه تجعله جدير بان يكون عقاب و اداه من ادوات التعذيب كتلك التي كانوا يستخدمونها في القرون الوسطي لتعذيب الساحرات
انا لا ابالغ هنا ، اشعر ان روحي تحترق تماما
و هو بلا شك امر مقصود و احد ادوات التعذيب يالفعل تخيل ان يسلط عليك ضوء كشاف ملعب كره قدم علي مدار اليوم ، لا تستطيع ان تغلق عينيك للحظات ، فقد عجزت عن النوم منذ وصولي من ٤٨ ساعه او اكثر لا اتذكر
لكن ما لفت انتباهي عدم تسجيل بيناتي في ” دفتر الوارد ” الموجود علي المكتب و لم اوقع فيه عكس كل من وصل الي هنا و هذا يؤكد ان كل ما يحدث معي غير قانوني و بطلب من الاخوان و ايمن نور بل استوقفني امر غريب اخر اثناء استقبال كل المساجين الجدد يطلب منهم فك” رباط الحذاء ” خوفا من استعماله في الانتحار “كمشنقه ” الا انهم لم يطلبوا مني ذلك
هل يتوقع الاخوان ان استعمله بعد انهياري مثلا ؟!
هل يظنون باني هذا النوع من الرجال ، هذا يؤكد ما ذهبت اليه استنتجاتي ووكنت اردد دائما ” انتم لا تعلمون مع من تتتعاملون ”
الا اني اتذكر موقف حدث بيني و بين الدكتور زوبع عن الفكره التي كونها عني الاخوان
كنت في طريقي للمنزل عندما قايلت زوبع بالصدفه و كنت قد قررت الرحيل من قناه مكملين فقال لي في لحظه تجلي
“رامي عايز اقولك علي حاجه ، انت خطير يا رامي ، قدراتك الذهنيه تفوق سنك بشكل مرعب ، البعض يري انك هتبقي خطر علي الاخوان اليوم و بكره و بعد عشر سنين قدام و انا بقولك الكلام ده و متطلبش مني تفسير اكثر من كده ”
لم اطلب منه تفسير و لكن ظلت الكلمات تتردد في عقلي
نعود لزنزانتي من جديد
ها انا اجلس القرفصاء علي احدي الكتل الخشبيه و بيدي بعض الاوراق و استند علي قدمي و كتاب جورج اورويل ١٩٨٤ حتي استطيع الكتابه و يجلس امامي شاب باكستاني اسمر اللون متوسط الطول ، له نظره طيبه ، فور وصولي حاول مساعدتي بشتي الطرق خاصه بعد اصابتي بنزيف حاد اسفل المعده فقد اجريت عده عمليات جراحيه في نفس المكان و لكن لسبب ما الجرح لا يلتئم و ما ان يمر بعض الوقت الا و يعود النزيف من جديد
بعد اصابتي بنزيف حاد فور وصولي نظر لي احد رجال الشرطه القلائل الذين يتحدثون الانجليزيه الاقرب الي الهنديه تلك و قال لي في تهكم و عنصريه
“لا تخف حتي لو مت سنجد كنيسه ندفنك فيها ”
كيف لا و لهم تاريخ اسود من الحقد و التطرف