الناتو في مأزق أمام «المسيّرات الروسية الرخيصة»

محمد علاء
يواجه حلف شمال الأطلسي «الناتو» اختبارًا معقدًا بعدما اخترقت 19 طائرة مسيّرة روسية، رخيصة الثمن ومصنوعة من الخشب والرغوة، الأجواء البولندية الأربعاء الماضي، ما أجبر الحلف على استخدام أنظمة دفاعية باهظة الثمن تصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات لاعتراضها، في مشهد يعكس المفارقة بين معدات منخفضة الكلفة ورد عسكري باهظ.
وبحسب تقاري إعلامية، فإن خمسًا من هذه المسيّرات اتجهت مباشرة نحو قاعدة تابعة للناتو قبل أن تتدخل مقاتلات «إف-35» هولندية لإسقاطها، بمشاركة طائرة تزويد بالوقود، وطائرة مراقبة إيطالية، ونظام دفاع جوي ألماني من طراز «باتريوت»، ورغم حجم هذا التحرك العسكري، لم يتمكن الحلف سوى من إسقاط ثلاث مسيّرات، في وقت تحقق فيه أوكرانيا عادةً معدل اعتراض يتراوح بين 80% و 90% رغم تعرضها لهجمات أكبر.
إزاء الحادث، لجأت «بولندا» إلى المادة الرابعة من ميثاق الناتو، التي تفرض على الأعضاء عقد محادثات عاجلة، فأغلقت مع لاتفيا مجالهما الجوي الشرقي، بينما ناقش الحلف اتخاذ خطوات دفاعية إضافية. كما أعلنت بريطانيا نيتها بحث سبل المساهمة في تعزيز الدفاعات الجوية فوق بولندا، وأرسلت ألمانيا مقاتلات إضافية، في حين عرضت أوكرانيا تقديم المساعدة.
ونقلت تقارير إعلامية، عن مسؤول في «الناتو» أن «بولندا» طلبت دعمًا يتضمن زيادة المراقبة الاستخباراتية، والاستطلاع، وتوسيع قدرات الدفاع الجوي.
ويبرز ضعف الدفاع الجوي كأحد أبرز أوجه القصور في قدرات الحلف، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تشجيع الدول على توجيه جزء من برنامج قروض الدفاع «SAFE» البالغ 150 مليار يورو نحو هذا المجال، رغم أن معظم هذه الأموال تُنفق على أسلحة باهظة الثمن.
ويؤكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أنظمة «باتريوت» و «SAMP/T»، التي تكلف مئات الملايين، غير مناسبة لاعتراض مسيّرات لا يتجاوز ثمن الواحدة منها 10 آلاف دولار، في حين طورت بلاده حلولًا منخفضة الكلفة للتعامل مع هذه الهجمات.
القضية كانت محور إحاطة في «بروكسل» بين الأمين العام للناتو مارك روته وسفراء الاتحاد الأوروبي، حيث أبدى العديد من المشاركين قلقهم من اعتماد الحلف على طائرات «إف-35» في الاعتراض بشكل متكرر. وأكد دبلوماسيون أن روته نفسه أقر بعدم واقعية هذا الخيار، ولم يبدِ أحد اعتراضًا على ذلك.
هذا ويرى خبراء، من بينهم تشارلي سالونيوس باستيرناك – رئيس مؤسسة «نورديك ويست أوفيس»، أن الحلف تأخر في تكييف ردوده على الأسلحة الروسية منخفضة الكلفة المنتجة بكميات كبيرة، وأن بعض الدول تعمل بالفعل على تعديل ترساناتها، لكن تطبيق هذه القرارات يستغرق وقتًا طويلًا بسبب التعقيدات المالية والميزانية.