أخبار العالم

احتجاجات حاشدة ضد قرار ترامب بخوض الحرب … الشارع الأمريكي على صفيح ساخن

واصف ماجد

سادت حالة من التوتر داخل الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب قرار الرئيس دونالد ترامب المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية ضد إيران، ضمن تنسيق معلن مع إسرائيل. وقد أشعل القرار موجة احتجاجات جماهيرية واسعة، اجتاحت كبرى المدن الأمريكية، وسط مخاوف متصاعدة من انزلاق البلاد إلى مواجهة مفتوحة في الشرق الأوسط، دون غطاء شعبي أو سياسي واضح.

اللافت في المشهد، أن القرار الرئاسي جاء بشكل مفاجئ، دون أي تشاور مسبق مع الكونجرس الأمريكي، الذي لم يصدر عنه حتى لحظة إعداد هذا التقرير أي موقف رسمي أو نقاش علني بشأن التدخل العسكري الجديد، وهو ما زاد من حدة الغضب في الشارع، وأثار تساؤلات قانونية ودستورية حول حدود صلاحيات الرئيس في إعلان الحرب دون تفويض.

مشاهد غضب في أكثر من عشرين ولاية

من نيويورك إلى كاليفورنيا، ومن شيكاغو إلى أوستن، خرج آلاف الأمريكيين في مسيرات حاشدة، رافعين شعارات تندد بالحرب وتطالب بوقف التصعيد فورًا. وقد تجمّع المتظاهرون أمام البيت الأبيض في مشهد لم تشهده العاصمة منذ سنوات، وسط طوق أمني مشدد وحضور كثيف لقوات الشرطة.

ورُفعت في التظاهرات لافتات حملت عبارات مثل: “لسنا وقودًا لحروب انتخابية”، و”أوقفوا آلة الحرب”، و”الحرب ليست خيارًا ديمقراطيًا”

صمت الكونجرس… وسخط الرأي العام

في الوقت الذي كان يُتوقع فيه أن يصدر الكونجرس بيانًا أو دعوة عاجلة لجلسة طارئة لمناقشة قرار الحرب، ساد الصمت في أروقة المؤسسة التشريعية، وسط ما وصفه مراقبون بـ”الشلل السياسي الكامل”، وغياب آلية رقابية واضحة على قرارات الرئيس المتعلقة بالأمن القومي.

ويرى محللون أن امتناع الكونجرس عن اتخاذ موقف، سواء تأييدًا أو رفضًا، فتح الباب أمام الرأي العام ليشعر بأن الدولة تُقاد من مكتب واحد دون مساءلة أو نقاش، وهو ما يفسر حجم الغضب الشعبي غير المسبوق.

يقول البروفيسور مايكل هانسون، أستاذ القانون الدستوري بجامعة برينستون:

> “ما نشهده اليوم ليس مجرد خلاف على قرار عسكري، بل أزمة ثقة حقيقية في المؤسسات، وعلى رأسها الكونجرس، الذي ترك الساحة فارغة أمام قرارات فردية”.

إدارة الأزمة… بصوت واحد

الرئيس ترامب، في خطابه مساء الجمعة، برر القرار العسكري بأنه “خطوة دفاعية ضرورية لحماية أمن الحلفاء في المنطقة”، مؤكدًا أن الضربات التي طالت منشآت نووية إيرانية جاءت ردًا على ما وصفه بـ”معلومات استخباراتية عاجلة عن تهديد وشيك”.

إلا أن هذا التبرير لم يقنع شريحة واسعة من المواطنين ولا حتى بعض المحللين العسكريين، الذين حذروا من عواقب استراتيجيات “الضربات الاستباقية” دون سند قانوني، خاصة في ظل سياق إقليمي متفجر، واستعدادات إيرانية معلنة للرد.

سيناريوهات مفتوحة

في ظل تزايد حدة الاحتجاجات، وصمت المؤسسة التشريعية، وتهديدات إيرانية بالرد، يجد الرئيس ترامب نفسه أمام معادلة معقدة: كيف يثبت جديته السياسية دون الانزلاق إلى حرب شاملة، وكيف يحافظ على صورته كرئيس قوي دون أن يتحول إلى قائد معزول داخليًا؟

الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كانت هذه اللحظة ستُذكر في التاريخ بوصفها بداية صراع طويل، أم نذير أزمة سياسية داخلية ستقلب موازين السلطة قبل أن يهدأ غبار الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى