المستشار عماد أبوهاشم يكتب من تركيا : قانونًا لا تصالح مع جماعة الإخوان
استجداء قادة الإخوان الدولةَ المصريةَ للعفو عنهم و إطلاق سراح مسجونيهم و السماح لهم بالعودة إلى مصر يُفَسَّرُ ـ من الناحية القانونية ـ بأنه اعترافٌ من جانبهم بثورة الثلاثين من يونيه و إقرارٌ منهم بشرعية ما ترتب عليها من آثارٍ و إن لم يُعلِنوا ذلك للناس صراحةً ؛ إذ لا معنى لطرح شروط استسلامهم ما لم يكونوا قد أقروا بأن السلطة القائمة في مصر تتمتع بالشرعية اللازمة للاستجابة لهذه الشروط .
إنهم ـ عبثًا ـ يحاولون التسويق لأشياعهم أن صفقتهم المنشودة مع الدولة صلحٌ لا استسلام ، باطلٌ ما يَدَّعون ؛ ذلك أن العبرة بحقيقة الحالِ لا بالمُسميات و الأوصاف ، و عبثًا يُشِيعون ـ لتبييض وجوههم ـ أنهم يُعلِّقون استسلامهم على قبول مرسى التنازل عن الحكم ، إنما يبتغون من وراء ذلك أن يجدوا الوسيلة إلى الإقرار بشرعية السلطة التي يطمحون أن تقبل استسلامهم و تمنحهم العفو المنشود بالقدر اللازم لذلك في الحال و الاستقبال فقط دون المدة السابقة كمحاولةٍ للمناورة والالتفاف على اعترافهم بثورة يونيه ، و لاسيما أن دراويش الإخوان مازالوا يؤمنون بشرعية مرسى السرمدية التي لا تمحوها ثورةٌ و لا تنهيها مدةٌ و لا يقضى عليها حتى بلوغ مرسى الأجل .
فهل ستقبل الدولة العفو عنهم على النحو الذى رسموه في مخيلتهم ؟
وَاهمٌ من يظن أن أحدًا من رجال الدولة في مصر يمكنه ـ من الناحية القانونية ـ أن يجلس إلى جماعةٍ حظرها القانون و وصمتها الإرادة الشعبية بالإرهاب للتفاوض معها نِدًّا لنِدٍّ حتى و لو كان التفاوض على كيفية استسلامها و إلا و قع هذا التصرف باطلًا منعدمًا و تَحَمَّل مَنْ أبرمه جَريرة خطئه إذْ تعامل خارج دائرة القانون مع جماعةٍ محظورةٍ لا يُؤمَن جانبُها و تُشكل الخطر الأعظم على أمن الدولة و استقرارها .
لا يتخيل عاقلٌ أن يجلس نظام دولةٍ شرعىٌّ إلى جماعةٍ إرهابيةٍ محظورةٍ منعدمة الوجود ككيانٍ قانونىٍّ ليبحث مع أكابر مجرميها شروط استسلام جماعتهم مقابل أن تمنحه الجماعة اعترافًا ـ لا تملكه و لا حاجة له به ـ بشرعية وجوده ليس تأسيسًا على الإقرار بثورة الشعب التى جاءت به و إنما استنادًا إلى شرعية الرئيس المعزول التى يحسبونها سرمديةً و يقولون حفظًا لماء وجوههم إنه سيتنازل عنها .
و هذا يعنى أنه بعد أن كان استجداء الإخوانِ الدولةَ العفوَ عنهم أول الأمر بمثابة اعترافٍ من جانبهم بثورة يونيه و ما ترتب عليها من آثارٍ فإن الحال سينقلب ـ من بعدُ ـ إلى إهدار هذا الاعتراف الذى لا يُغنى و لا يُسمن من جوعٍ و القفزِ من فوقه للإقرار فقط بشرعية نظام الدولة من تاريخ تنازل مرسى عن حكمٍ لم يعد يملكه و ليس قبل ذلك ، فتكون المدة السابقة ـ فى نظرهم ـ مدةً ساقطةً حَبِطَ كل تصرفٍ فيها و بطل و انعدم ، و هو ما لن تسمح به الدولة المصرية بحالٍ من الأحوال .
مازال الطريق مفتوحًا ـ قانونًا ـ أمام الإخوان لتسوية أوضاعهم ليس تحت مظلة الجماعة التى يَحظُرها القانون و لكن فُرادى أو في مجموعاتٍ تمثل أفرادها بأشخاصهم و ذواتهم لا بصفاتهم الوظيفية في الهيكل التنظيمى لجماعة الإخوان كمواطنين يحترمون الدولة التي يحملون جنسيتها و ينصاعون لسلطاتها الشرعية و سلطان قوانينها السارية لا كأندادٍ يتعاملون معها رأسًا برأسٍ و يَستَعْلون على مؤسسات الحكم و القوانين السارية فيها ، ضَالٌ مُضلٌّ من يوهمكم غير ذلك .